للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنبياء والسلف إقناعيات؟ ولكن أراد بذلك، الإقناعيات في تعليل أفعاله.

وسماها هو إقناعيات لأن هذا مبلغ أمثاله من العلم، ومنتهاهم من المعرفة في ذلك.

وأما الأنبياء عليهم السلام، والسلف رضوان الله عليهم، فإن الله تعالى أطلعهم من حكمته في خلقه وأمره على ما لم يطلع عليه هو وأمثاله، ولكن هؤلاء ليس لهم بحقائق أحوال الأنبياء والصحابة من الخبرة ما يعرفون به منتهاهم في هذه المطالب العالية، كما أنه ليس لهم من الخبرة بهذه المسائل الكبار ما انتهوا معه إلى غايتها، لكنهم يعلمون أن الأنبياء أفضل الخلق، والصحابة بعدهم أفضل الخلق، فيعتقدون فيهم أنهم وصلوا إلى منتهى ما يصل إليه الخلق في هذه المسائل.

ثم إنهم لما نظروا - مع فرط ذكائهم - ولم يصلوا إلا إلى هذا، ظنوا أنه لا غاية وراءهم، فقالوا ما قالوا.

وهكذا كل طائفة سلكت فانتهت إلى حيث رأت أنه منتهى الخلق، فإنها تقضي على كل من تعظمه بأن هذا منتهاه، كما قد رأينا طائفة من الفلاسفة لما رأوا أن قول الفلاسفة هو منتهى معارف العقلاء، صاروا إذا رأوا شخصاً ظهر عنه ما يدل على كمال عقله، وعظم علمه وفضله، ومعرفته بأقوالهم على الحقيقة، يجعلون قوله هو منه ورأينا من كلامه ما يناقض قول الفلاسفة، يقول ذلك الفيلسوف الفاضل: هذا والله قد عرف حقيقة قولنا، ومن عرف حقيقة قولنا لم يعدل عنه، إلا أن يكون هناك شيء أعلى منه، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>