يبقى حائراً: هل فوق قولهم ما هو أكمل منه، لما ظهر منه من كون العارف بحقيقة قولهم، مع حسن قصده وعدله، قد عدل عنه إلى قول يناقضه؟ أو ليس فوقه ما هو أكمل منه؟ لأن هذا الفيلسوف لا يعرف أن فوقه ما هو أكمل منه.
وهكذا الاتحادية أهل الوحدة ينسبون كل من عرف علمه وعقله وكماله إلى أنه منهم، وإن كان مظهراً للإنكار عليهم، وهكذا أهل الحيرة في الصفات الخبرية، يجعلون السلف والأئمة يمرون آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، مع عدم علمهم بمعانيها.
وإن كانوا من نفاتها قالوا: إنهم كانوا يعتقدون نفيها في الباطن: ولا يعلمون مدلول النصوص.
ولما كان هذا عندهم هو الغاية التي انتهوا إليها، والسلف عندهم أعظم الناس، جعلوا هذا غاية السلف.
وهؤلاء الطوائف وقع لهم الخطأ من جهتين: أحداهما: أنهم لم يعرفوا الحق في نفسه على ما هو عليه، لا بدليل عقلي ولا سمعي.
الثانية: أنهم لم يعرفوا حقيقة أقوال السلف وما كان عندهم من العلم والبيان، فكان عندهم قصور في معرفة الحق في نفسه، وفي معرفة الأنبياء والسلف به، وظنوا أن ما وصلوا إليه هو الغاية الممكنة، فجعلوا ذلك