للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إجماع المليين في مواضع كثيرة، يحكونه بحسب ما يعتقدونه من لوازم أقوالهم، وكثير من الإجماعات التي يحكيها أهل الكلام هي من هذا الباب، فإن أحدهم قد يرى أن صحة الإسلام لا تقوم إلا بذلك الدليل، وهم يعلمون أن المسلمين متفقون على صحة الإسلام، فيحكون الإجماع على ما يظنونه من لوازم الإسلام، كما يحكون الإجماع على المقدمات التي يظنون أن صحة الإسلام مستلزمة لصحتها، وأن صحتها من لوازم صحة الإسلام، أو يكونون لم يعرفوا من المسلمين إلا قولين أو ثلاثة، فيحكون الإجماع على نفي ما سواها، وكثير مما يحكونه من هذه الإجماعات لا يكون معهم فيها نقل لا عن أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا عن أحد من أئمة المسلمين، بل ولا عن العلماء المشهورين، الذين لهم في الأمة لسان صدق، ولا فيها آية من كتاب الله، ولا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم مع هذا يعتقدون أنها من أصول الدين، التي لا يكون الرجل مؤمناً، أولا يتم دين الإسلام إلا بها، ونحو ذلك.

ومثل هذا الرجل، وأمثاله من أهل الكلام، لما اعتقدوا أن العلم بإثبات الصانع وصدق الرسول موقوف على هذا الدليل، أخذ يحكيه عن جميع أهل الملل وجميع أتباع الأنبياء، وهو مع هذا لا يمكنه أن ينقله عن عالم واحد، لا من الصحابة ولا من التابعين، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>