للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تابعيهم، ولا معه فيه آية ولا حديث، والمنصوص عن الأئمة المشهورين عند الأمة يناقض ذلك، ولهذا عاد فحكى عن أهل الحديث الذين سماهم مشبهة، أنهم يقولون بذلك وإن كان ذكره في معرض التشنيع عليهم ففي ذلك ما يبين أن أتباع الأنبياء تنازعوا في ذلك.

وما ذكره من أن حدوث العالم لا يتم إلابإبطاله، يقول منازعوه: إن الأمر في ذلك بالعكس، وإن القول بما أخبرت به الرسل من أن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، لا يتم مع هذا القول، ولا يتم إلا بنقيضه، لأن إبطال هذا يستلزم ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح، وحدوث مجموع الحوادث بلا سبب حادث، ويصير الفاعل فاعلاً بعد أن لم يكن، بدون سبب جعله فاعلاً، بل حقيقة هذا القول أنه صار قادراً بعد أن لم يكن بغير سبب، وصار الفعل ممكناً بدون سبب وهذا ممتنع في بدائه العقول.

وبذلك صالت الدهرية على أهل الكلام، الذين سلكوا هذه السبيل.

فإنهم لما رأوا فساد هذا القول في صريح المعقول، وظنوا أن هذا قول الرسل وأبتاعهم، اعتقدوا أن الرسل صلوات الله عليهم أخبرت بما يخالف صريح المعقول.

ثم من أحسن الظن بهم قال: فعلوا ذلك لمصلحة الجمهور، إذ لم يمكن مخاطبتهم بالحق المحض، فكذبوا لمصلحة الجمهور، فساء ظن هؤلاء بما جاءت به الأنبياء، وامتنع أن

<<  <  ج: ص:  >  >>