عبد الجبار بيان فساد الطريقة التي سلكها الأشعري، وتصحيح طريق شيوخه، وهو إثبات حدوث الأجسام أولاً، ثم إثبات المحدث بعد ذلك.
وليس الأمر كما ذكره عبد الحبار، بل الأشعري قصد العدول عن هذه الطريقة التي سلكها المعتزلة عمداً، مع علمه بها، كما قد بين ذلك في رسالته إلى الثغر، وبين أنها بدعة محرمة في الشرائع لم يسلكها السلف والأئمة، وعدل عنها إلى الاستدلال بحدوث صفات الإنسان، لأن ذلك أمر مشهود معلوم، والقرآن العزيز قد دل عليها وأرشد إليها.
لكن الأشعري لما أراد تقرير حدوث النطفة سلك في الاستدلال على حدوثها الطريقة المعروفة للمعتزلة في حدوث الأجسام، فهو وإن كان قد وافقهم على صحة هذه الطريقة، فهو يقول إن فيها تطويلاً وشبهات ومقدمات كثيرة فيها نزاع، فلا يحتاج إليها ابتداء، ولا يقف العلم والإيمان بالله تعالى عليها، بخلاف نفس تحول النطفة من حال إلى حال، فإن هذا أبين وأظهر من كون كل جسم لا بد له من أعراض مغايرة له، وأن الأعراض حادثة النوع.
ثم من أراد إثبات حدوث الأجسام بأنها لا تخلو عن الحركة والسكون، كما فعله من فعله من المعتزلة ومن وافقهم، فالأمر عليه أيسر