من إثبات من أثبت ذلك، بأنها لا يخلو من كل جنس من أجناس الأعراض عن واحد منها، وأن جميع أنواع الأعراض لا تبقى زمانين، كما سلك هذه الطريقة كثير من الأشعرية ومن وافقهم، فإن هذه أبعد الطرق وأطولها وأضعفها مقدمات، لوكان في هذه الطرق شيء صحيح.
فالجواب لعبد الجبار عن الأشعري أن يقال له: هو استدل بحدوث الإنسان، وهو أمر معلوم مشهود لا ينازع فيه عاقل، وكان في ذلك مندوحة له عن الاستدلال بحدوث جميع الأجسام، وحينئذ فإذا ثبت أن للإنسان صانعاً ثبت سائر صفاته من العلم والقدرة وغير ذلك، ثم أمكن أن يعلم حدوث السماوات والأرض بالسمع، فلا يحتاج إلى ما يدل على حدوث جميع الأجسام، مع أن تمام الطريقة التي ذكرها الأشعري تدل على ذلك، فيقال لعبد الجبار: إن كانت طريقتكم صحيحة فقد سلكها الأشعري في آخر استدلاله، وإن كانت باطلة لم يكن عليه ملام في تركها، بل الذين ذموا ما ذموا منه، من أتباع السلف والأئمة، ذموا منها ما وافقكم فيه من هذه الطريقة وأمثالها، فالذي تطلبون منه من موافقتكم، هو الذي ينكره عليه السلف والأئمة، كما ينكرون ذلك عليكم.