والعدم لا يكون إلا محدثاً، لا يكون قديماً أزلياً، وأن ما كان قديماً أزلياً، لم يكن إلا واجباً ضرورياً يمتنع عدمه.
فهذا القول باطل، وإن قدر صحته، فلا يتمكن إثباته إلا بكلفة ونظر دقيق.
ومعلوم أن العلم بواجب الوجود الصانع للممكنات، لا يتوقف على العلم بكون القديم الأزلي الذي يمتنع عدمه، قد يكون ممكناً يقبل الوجود والعدم، فهم يقولون: إذا أثبتنا قديماً نحتاج بعد ذلك إلى أن نثبت أنه واجب الوجود لا ممكن الوجود، لأن القديم يحتمل الأمرين.
وهذه طريقة الرازي التي اعتمد عليها في عامة كتبه كـ الأربعين ونهاية العقول والمطالب العالية وغيرها من كتبه.
فهؤلاء إذا قيل لهم أثبتوا واجب الوجود، الذي هو قسيم الممكن عندهم، والممكن عندهم يتناول القديم والحادث، لم يمكنهم إثبات هذا الواجب إلا بإثبات ممكن يقبل الوجود والعدم.
وهذا لا يمكنهم إثباته إلا بإثبات الحادث، الذي يكون موجوداً تارة معدوماً أخرى.
والحادث يسلتزم ثبوت القديم، والقديم عنده لا يجب أن يكون واجب الوجود، بل قد يكون ممكن الوجود، فهم لم يثبتوا: لا واجب الوجود، ولا ممكن الوجود، الذي به يثبت واجب الوجود الذي ادعوه.
ثم إذا قدر أنهم أثبتواوجود واجباً، فهم لم يقروا أنه واحد وأنه