مغير للأفلاك، إلا بدعوى أن الواجب لا يكون مركباً، لأن المركب يفتقر إلى أجزائه وما افتقر إلى أجزائه لم يكن واجباً.
ومعلوم أن هذا إنما ينفي وجوب واجب، بمعنى أنه منفرد، ليس بصفة ولا موصوف، وأن مثل هذا يمتنع أن يكون موصوفاً، مع أن الغرض أنه ليس بموصوف.
ولكن هذا الواجب لم يقم دليل على وجوده، بل ولا على إمكانه، وإنما يقوم الدليل على امتناعه.
يراد به افتقار المفعول إلى فاعله، والمعلوم إلى علته الفاعلة، وإنما يراد به أنه يلزم من وجود المركب وجود أجزائه، فيلزم من وجود الذات المتصفة بصفات، وجود الذات والصفات.
وهذا لا محذور فيه، وحقيقته أنه يلزم من كون الشيء موصوفاً كونه موصوفاً، ومن كونه مركباً كونه مركباً.
وهذا كلام صحيح، وليس فيه ما يدل على امتناع ذلك، وقد بسط هذا فيغيره هذا الموضع.
وقد تفطن الغزالي وغيره لبعض ما به يفسد كلامهم، وقد تكلمنا على ذلك وعلى أنواع أخر مما يتبين به بطلان كلامهم.
والمقصود هنا بيان أن طريقة أولئك خير من طريقة هؤلاء.
وهذا كله مما يبين أن كل من كان إلى الإسلام أقرب، فإن عقلياته في الأمور الإلهية أصح من عقليات من كان على الإسلام أبعد منه، إلا حيث يكون قد اتبع في عقليانه من هو عن الإسلام أبعد منه.