وقد ذكر ابن سينا أن هذه الطريقة، التي سلكها في إثبات واجب الوجود ولوازمه، هي غير طريقة سلفه الفلاسفة، بل هي طريقة محدثة.
وهذا مما يبين أنه ركبها مما أخذه عن المعتزلة ونحوهم من متكلمة الإسلام، ومن أصول سلفه الفلاسفة، والذي أخذه عن متكلمة الإسلام أقرب إلى الحق مما أخذه عن سلفه في ذلك، لأنه أخذ عنهم أن تخصيص أحد الشيئين المتماثلين المحدثين دون الآخر لا بد له من مخصص، وهذا حق.
فأخذ من ذلك أن تخصيص الممكن بالوجود لا بد له من موجب، وهذا حق.
لكن قد ينازعونه في أن الممكن: هل يمكن أن يكون قديماً أم لا؟ فإنهم - وعامة العقلاء - يقولون: الممكن لا يكون إلا محدثاً وهو - وسلفه - يسلمون لهم ذلك.
وأيضاً فإن أبا الحسين وأمثاله يقولون: الموجود على طريق الجواز، ليس بالوجود أولى منه بالعدم لولا الفاعل.
ويقولون: إنه يستحيل ان يوجب القديم بالفاعل، لأن المعقول من الفاعل هو المحصل للشيء عن عدم، وليس للقديم حال عدمية.
ولهذا يقولون: إن وجود القديم واجب، وليس بأن يجب وجوده في حال أولى من حال.