وذلك أعظم من قول أولئك: حدثت عن قادر مختار بدون سبب حادث وهؤلاء أصل قولهم: إن العلة التامة يقارنها معلولها في الزمان، كما جعلوا الفلك القديم الأزلي عندهم مقارناً لعلته في الزمان، وقابلوا لذلك قول المتكلمين، الذي قالوا: بل المؤثر التام يتأخر عنه أثره.
والصواب أن المؤثر التام يتعقبه أثره، لا يقارنه، ولا يتراخي عنه، كما قال تعالى {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} .
ولهذا يقال: كسرته فانكسر، وقطعته فأنقطع وطلقت المرأة فطلقت، وعتقت العبد فعتق.
وعلى هذا فيلزم حدوث كل ما سوى الرب تعالى، لأن ما كونه لا يكون إلا بعد تكوينه لا مع التكوين.
وهم إذا قالوا: إن المكون مع التكوين، لزمهم أن لا يحدث شيء من العالم، وهو خلاف المشاهدة.
فإن الأول إذا كان علة تامة، والعلة التامة يقارنها معلولها، وكل ما ساواه معلوله كان الجميع قديماً.
ولزمهم أيضاً أن كل ما حدث يحدث عند حدوثه تمام علل لا نهاية لها، وذلك في آن واحد، وذلك ممتنع بصريح العقل واتفاق العقلاء.