للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سينا أن يعمم هذه القضية ويجعل المفهوم من الممكن ما له علة، كما ذكره أبو حامد) .

قلت: فقد بين أن كون الممكن يجب أن يكون له فاعل، قول جيد، إذ ان الممكن هو المحدث عند عامة العقلاء من الفلاسفة وغيرهم، والمحدث لا بد له من فاعل.

هذا أيضا معلوم بين مسلم عند عامة العقلاء.

وأما قوله: (ليس فيه كذب إلا ما وضعوا فيه من أن العالم بأسره ممكن، فإن هذا ليس معروفاً بنفسه.

فأراد ابن سينا أن يعمم هذه القضية.

ويجعل المفهوم من الممكن ما له علة) .

فإنه يقول: أولئك أرادوا بالممكن المحدث، وليس من المعروف بنفسه أن العالم كله محدث، فأراد ابن سينا أن يجعل معنى الممكن هو ما له علة، حتى يبني على ذلك أن العالم كله ممكن وله علة قديمة أزلية.

وهذا القول الذي ذكره ابن سينا، يظن من أخذ الفلسفة من كلامه، أنه قول أرسطو وأتباعه، وليس كذلك.

وإنما يذكر هذا عن برقلس.

ولهذا قال: الباري جواد وعلة جوده هو ذاته، فيكون جوده دائناً.

وهذا يوافق قول ابن سينا، ولا يوافق قول أرسطو، فإن الأول عنده لا فعل له: لا جوداً ولا غير جود، ولا إرادة، بل ولا يعلم ما سواه.

وقول ابن رشد: (إن كون العالم بأسره ممكن ليس معروفاً بنفسه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>