للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال له: إن سلم أنه ليس معروفاً بنفسه، هو معروف بالأدلة الكثيرة الدالة على أن كل ما سوى الله ممكن: يقبل الوجود والعدم، بل إنه محدث وكل ما سواه فقير إليه، وكل مفتقر إلى غيره فهو ممكن، وأنه ليس شيئاً موجوداً بنفسه غنياً عما سواه، قديماً أزلياً، إلا واحد.

وأدلة ذلك مذكورة في مواضع، وحينئذ فيحصل بذلك المقصود.

لكن المتكلمون من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الأشعرية والكرامية ونحوهم، سلكوا في ذلك الاستدلال بأن ذلك لا يخلو عن الأعراض الحادثة، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، لامتناع حوادث لا أول لها، فلزم بذلك أن الأول لم يزل غير متكلم بمشيئته وقدرته، ولا فاعل لشيء، بل ولا كان يمكنه أن يكون متكلماً إذا شاء، فعالاً لما يشاء، بل هذا ممتنع، فلا يكون مقدوراً، فيلزم أنه صار قادراً بعد أن لم يكن، وفاعلاً، بل ومتكلماً بمشيئته بعد أن لم يكن، وأن الفعل صار ممكناً بعد أن كان ممتنعاً، من غير تجدد شيء أوجب انقلابه من الامتناع إلى الإمكان، إلى غير ذلك من اللوازم.

كما قد بسط في موضعه.

والسلف والأئمة كلهم ذموا الكلام المحدث وأهله، وأخبروا أنهم يتكلمون بالجهل، ويخالفون الكتاب والسنة وإجماع السلف، مع أن كلاهم جهل وضلال.

مخالف للعقل، كما هو مخالف للشرع، كما قد بسط في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>