للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأقوال التي يقدرها الذهن في هذا المقام، فهي مع كونها أقوالاً لا دليل عليها، وإنما هي تحكمات ورجم بالغيب، بل والدليل يقوم على فسادها، فلا يحصل بها جواب عما يدل على فساد أصلهم، فإن تلك الوجوه إما أن تكون أموراً وجودية أو عدمية، فإن كانت وجودية، فقد صدرت عن الأول، فقد صدر عنه أمور متعددة أكثر من واحد بلا واسطة، وإن كانت عدمية لا يخرج الصادر الأول عن أن يكون واحداً بسيطاً، وحينئذ فلا يصدر عنه إلا واحد.

يبين ذلك أن كثرة السلوب العدمية إن أوجبت كثرة، فالأول فيه كثرة لكثرة ما يسلب عنه، وإن لم توجب كثرة فلا كثرة في الصادر الأول بأمور عدمية، فلا يصدر عنه إلا واحد، وهلم وجراً.

وأيضاً فهذا الواحد الذي يقدرونه إنما يوجد في الأذهان لا في الأعيان، كالواحد الذي يجعلونه مبدأ المركبات العقلية، كما بسط هذا في موضع آخر.

وإذا كان كذلك، فما يقولونه في هذا المقام من أنه حركة الفلك واحدة أزلية أبدية، وهي فعل الرب الدائم فعله، قول باطل لوجوه:

أحدها: أن الحركات ليست واحدة، بل حركات مختلفات وليس بعضها صادراً عن بعض.

فقول القائل: إنها واحدة قول باطل.

الثاني: أن الحركة الدائمة سواء كانت واحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>