للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نوعاً واحداً أو أنواعاً مختلفة تحدث شيئاً بعد شيء، وإذا كان الأول علة تامة أزلية، كان مستلزماً لمعلوله، فلا يتأخر عنه شيء من معلوله، بل يكون معلوله كله أزلياً أبدياً دائماً بدوامه، إن أمكن مقارنة المعلول لعلته، لا يحدث منه شيء بعد شيء، فإن الحادث في الزمن الثاني يمتنع أن تكون علته تامة أزلية، لأن العلة التامة مستلزمة لمعلولها، وهو لا يكون بينه وبينها فصل، فكيف وأجزاء الحركة الحادثة شيئاً بعد شيء كلها منفصلة عن الأزل؟ فامتنع أن يكون معلول علة تامة أزلية.

الثالث: أن يقال: كون المفعول المعين يقارن فاعله في الزمان، أمر لا يعقل وجوده في الخارج، وإنما يقدره الذهن، كما يقدر الممتنعات.

وسواء سمي الفاعل علة أولم يسم، فإنه لا تعقل علة صدر عنها معلول وهو مفعول لها، وكان زمانهما واحداً، ولكن قد يكون الشيء مستلزماً لغيره ومقارناً له في الزمان، كاستلزام الذات لصفاتها اللازمة واستلزام حركة أحد الجسمين المتلازمين لحركة الآخر، كحركة الخاتم واليد، لكن لا يكون الملزوم فاعلاً للازم، فإنه لا يعقل مفعول معين لازم لفاعله البتة.

ولكن لفظ (العلة) فيه إجمال واشتباه واشتراك، فقد يراد بها الملزوم الموجب، وقد يراد بها الفاعل.

والملزوم الموجب الذي ليس بفاعل يعقل أن يقارنه لازمه وموجبه الذي ليس بمفعول له، لكن موجبه الذي هو

<<  <  ج: ص:  >  >>