يقولوا: المرجح هو علم الفاعل وإرادته أو قدرته، أو إمكان الفعل وانتفاء المانع، وهو الأزل، أو حصول المصلحة.
وكل ما قالوه من هذا وغيره إذا نظر فيه بعينه لم يكن جواباً صحيحاً، فإن العلم يتبع المعلوم على ما هو به، والمعلوم يتبع الإرادة، فإن لم يكن المرجح ثابتاً في نفس الأمر، لم يكن العلم مرجحا.
وأما الإرادة فادعى كثير منهم أنها بذاتها توجب تخصيص أحد المتماثلين.
وهذا القدر خلاف ما يعقل من الإرادة، فإنه لا تعرف الإرادة ترجح أحد المتماثلين من كل وجه، بل لا بد من اختصاص أحدهما بما يوجب الترجيح.
وإثبات إرادة كما ذكروه لا يعرف بشرع ولا عقل، بل هو مخالف للشرع والعقل، فإنه ليس في الكتاب والسنة وما يقتضي أن جميع الكائنات حصلت بإرادة واحدة بالعين تسبق جميع المرادات بما لا نهاية له، وكذلك سائر ما ذكروه.
ثم إن هذه الأمور إن كانت قديمة فلم يحدث مرجح، وإن حدث بعد أن لم يحدث شيء منها أو تعلق بها، فقد حدث الحادث بدون موجب لحدوثه، وترجح أحد المتماثلين بلا مرجح، فقد حدث الحادث بدون موجب لحدوثه، والمرجح قبل وجوده كما هو بعد وجوده لم يكن ناقصاً فتم.
والرازي يجيب بأن الإرادة مرجحة كجواب أصحابه، ثم يضعف هذا الجواب، وتارة يقول: بل العقل والنفوس أزلية فحدث تصور من