للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقولون: إن القادر المختار، سواء كان قديماً أو محدثاً، لا يفعل إلا مع جواز أن لا يفعل، وإنه يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، وهذا مما نازعهم فيه جمهور العقلاء.

وليس المقصود هنا بيان صحة قول الجمهور، وفساد قولهم.

لكن المقصود أن قولهم سواء كان صحيحاً أو فاسداً، فهم يستغنون عن جعله مقدمة إثبات الصانع.

وإذا أمكن إثبات العلم بالصانع على كل تقدير، كان خيراً من إثباته على تقدير قول تنازع فيه كثير من العقلاء وهم يمكنهم إثباته بأن المحدث لا بد له من محدث، سواء قيل أنه يجب بمحدثه أو لم يقل ذلك، فلا حاجة بهم في إثباته إلى ذلك.

وإما إن أراد القائل بقوله: إما أن يحدث مع وجوب أن يحدث أو مع جواز أنه يحدث، مع وجوب أن يحدث بنفسه بدون مقتض لحدوثه، فلا ريب أن هذا فاسد معلوم فساده بضرورة العقل.

والعلم بفساده أبين من العلم بكون حدوثه ليس في حال بأولى منه في حال أخرى، وذلك أن ما حدث يعلم أنه ليس واجباً بنفسه، فإن الواجب بنفسه لا يقبل العدم.

والمحدث كان معدوماً، فيمتنع أن يقال إنه حادث، وهو واجب بنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>