ومن المعلوم أن المحدث يمتنع أن يكون قديماً، فإن هذا نقيض هذا، إذ المعني بكونه محدثاً أنه ليس بقديم.
ومن المعلوم أن واجب الوجود بنفسه يجب أن يكون قديماً، والعلم بأن واجب الوجود بنفسه يجب أن يكون قديماً، أبين من العلم بكون القديم يجب أن يكون واجب الوجود بنفسه.
فإن الأول لم تنازع فيه طائفة معروفة، والثاني نازع فيه طائفة معروفة.
وأيضاً فإن أبا الحسين استدل على أن القديم يجب أن يكون واجب الوجود بنفسه، بأنه ليس وجوده في حال بأولى من وجوده في حال، فصح أنه واجب الوجود في كل حال، فامتنع عدمه.
وأما كون واجب الوجود بنفسه يكون قديماً، فهو أبين من هذا.
وحينئذ فالمحدث لا يمكن أن يقال: إنه حدث، وهو أنه حدث وهو واجب الوجود بنفسه، أبين من كونه ليس وجوده في حال أولى منه في حال.
وأبو الحسين بنى كلامه على نفي هذه الأولوية، التي مضمونها أن الوقتين متساويان.
فلا يجوز تخصيص أحد الوقتين عن الآخر بالحدوث إلا بمخصص.
وهذا يكفيه في الاستدلال ابتداء، فإن المحدث اختص حدوثه بوقت، وتخصيص أحد الوقتين لا بد له من مخصص.