قيل: هذا إنما يصح لو كان اقتضاؤه لكل ما يقتضيه لازماً له، وكان مجرد ذاته علة موجبة لمعلولاته، كما يقوله من يقول ذلك من المتفلسفة، كبرقلس وابن سينا وأتباعهما.
فإنهم يقولون: إن الأول علة بمجرد ذاته لجميع المعلولات، وما سواه معلول به، فيلزمهم أن لا يتخلف عنه شيء من الحوادث، وهذا باطل قطعاً.
وأما إذا كان اقتضاؤه وفعله لما يفعله، إنما هو أنه مقتض لوجود كل حادث في الوقت الذي حدث فيه، لا سيما إذا قيل مع ذلك بأنه مقتض لما يقتضيه كمشيئته وقدرته، كما هو قول المسلمين وجماهير العقلاء.
فيقال: إذا قدر أنه قادر مختار، وهو يحدث الحوادث، مع جواز أن لا تكون مشيئته وقدرته مستلزمة لحدوثها، فلان يحدثها مع كون مشيئته وقدرته مستلزمة لها أولى وأحرى.
وحينئذ فيحدث مع وجوب حدوثها بقدرته ومشيئته.
ولا يمكنهم أن يقولوا: القدرة والمشيئة لا تخص وقتاً دون وقت، لأن هذا ينقض قولهم.
فإنهم يقولون: إنه لمجرد قدرته يخص بعض الأحوال دون بعض.