موجب هذه المقدمة أن كل موجود محدث، وأنه ليس في الوجود قديم، مع أن هذا معلوم الفساد بالضرورة.
وأما الكلام في أن ما قبل الحوادث لم يخل منها، ففيها نزاع مشهور بين أهل الكلام.
وذلك قوله: ما لم يسبق الحوادث فهو حادث، فيها من منازعة أهل الحديث والكلام والفلسفة ما هو معروف.
وقد يسلم هذه من ينازع في الأولى من الكرامية ونحوهم، وقد ينازع في هذه من لا ينازع في الأولى من أهل الحديث والفلسفة والكلام وغيرهم.
وهذه المقدمة هي التي جعلها الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم عليها من الأشعرية والكرامبة وأتباع الأئمة الأربعة - أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد - أصل الدين.
ثم إن قدماءهم كانوا يأخذونها مسلمة، ويظنونها ضرورية، ولا يميزون بين ما لا يسبق الحادث المعين والحوادث المحدودة التي لها مبدأ، وما لا يسبق جنس الحوادث.
فإن ما لا يسبق الحادث المعين أو الحوادث المحددة التي لها مبدأ، فهو محدث بالضرورة، ولا ينازع في هذا عاقل.
فإن ما كان عينه حادثاً فما لم يكن قبله فإنه محدث مثله بالضرورة، كما قرره.