حركة، ولا حادث إلا وقبله حادث، لا إلى غاية: فما أنكرتم من ألا تدل الحوادث على حدوث الجسم أصلاً، إذ كان لا أول لوجودها، ولا شيء منها إلا وقبله شيء لا إلى غاية؟.
يقال له: أنكرنا ذلك لأمور: أقربها أن هذا الذي قلته محال متناقض، وذلك أنه لا يخلو ما ما مضى من الحوادث وانقضى، أن يكون محدثاً موجوداً عن أول، وأن يكون الفعل والفراغ قد أتيا عليه، أو أن يكون منها ما هو غير وجود عن أول، ولا كائن عن حدوث.
فإن كان الماضي من الحوادث مستفتحاً مبتدأ قد أتى عليه الفراغ - استحال قولكم: إنها لم تزل موجودات شيئاً قبل شيء، لأن ما لم يزل موجوداً فقديم غير مستفتح.
وقولنا: إنها حوادث وجب لها الاستفتاح والوجود عن أول، والجمع بين ذلك متناقض - محال.
وإن كان فيما أوقعنا عليه هذه التسمية، وهو قولنا: حوادث، ما هو موجود لا عن أول، وكائن عن عدم، فالموجود لا بحدوث، والكائن لا عن عدم واجب أن يكون قديماً لا محالة، كما أن الفلك عندكم وعناصر الأشياء - التي هي: الماء، والأرض، والنار، والهواء - قديمة عندكم، إذ كانت موجودة لا عن عدم، وكانت لا بحدوث، فواجب أن يكون الفلك قديماً لا أول لوجوده.