قال: وكان روح الله عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عهدها وميثاقها في زمن آدم) .
فهذا القول يحقق القول الأول في أن كل مولود يولد على الفطرة، التي هي المعرفة بالله والإقرار به، وفيه زيادة: أن ذلك كان قد حصل لهم قبل الولادة حين استخرجوا من صلب آدم.
وقد فسر (فطرة الله) في الحديث بذلك.
وأما قول صاحب هذا القول:(إن هذا الإقرار ليس هو بإيمان يستحق عليه الثواب) فهذا لا يضر، فإنه قد بين فيه أن المعرفة بالله ضرورية، وأنه بذلك صح أن يأمرهم، فإن المأمور إن لم يعرف الآمر امتنع أن يعرف أنه أمره.
ولو لم تكن المعرفة ثابتة في الفطرة لكان الرسول إذا قال لقومه: أدعكم إلى الله، لقالوا مثل ما قال فرعون: وما رب العالمين؟ إنكاراً له وجحداً، كأن يكون قولهم متوجهاً.
وفرعون لم يقل هذا لعدم معرفته في الباطن بالخالق، لكن أظهر خلاف ما في نفسه.
كما قال تعالى:{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} ، وكما قال له موسى: {لقد علمت