أولى منه بالآخر، كما أن الرق قبل الكتابة فيه لا يثبت له حكم مدح كالمصحف، ولا حكم ذم القرآن مسيلمة، والتراب قبل أن يبنى مسجداً أو كنيسة، لا يثبت له حكم واحد منهما.
ففي الجملة كل ما كان قابلاً للممدوح والمذموم على السواء، لم يستحق مدحاً ولا ذماً.
والله تعالى يقول:{فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} ، فأمره بلزوم فطرته التي فطر الناس عليها، فكيف لا يكون فيها مدح ولا ذم؟.
وأيضاً فالنبي صلى الله عليه وسلم شبهها بالبهيمة المجتمعة الخلق، وشبه ما يطرأ عليها من الكفر بجدع الأنف والأذن.
ومعلوم أن كمالها محمود ونقصها مذموم، فكيف تكون فبل النقص لا محمودة ولا مذمومة؟.
وإن كان المراد بهذا القول ما قاله طائفة من الناس، من أن المراد: أنهم ولدوا على الفطرة السليمة، التي لو تركت مع صحتها لاختارت المعرفة على الإنكار، والإيمان على الكفر، ولكن بما عرض من الفساد خرجت عن هذه الفطرة - فهذا القول قد يقال: إنه لا يرد عليه ما يرد على ما قبله، فإنه صاحبه يقول: في الفطرة قوة يميل بها إلى المعرفة والإيمان، كما