شهادة على أنفسهم، أي إنطاقهم بالإقرار بربوبيته، وجعلهم شهداء على أنفسهم بما أقروا به من ربوبيته.
وقوله:(أشهدهم) يقتضي أنه هو الذي جعلهم شاهدين علىأنفسهم بأنه ربهم، وهذا الإشهاد مقرون بأخذهم من ظهور آباؤهم، وهذا الأخذ المعلوم المشهود الذي لا ريب فيه هو أخذ المني من أصلاب الآباء ونزوله في أرحام الأمهات.
لكن لم يذكر هنا الأمهات لقوله فيما بعد:{أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم} ، وهم كانوا متبعين لدين آبائهم، لا لدين الأمهات، كما قالوا:{إنا وجدنا آباءنا على أمة} .
ولهذا قال:{قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم} ، فهو يقول: اذكر حين أخذوا من أصلاب الآباء فخلقوا حين ولدوا على الفطرة مقرين بالخالق شاهدين على أنفسهم بأن الله ربهم، فهذا الإقرار حجة لله عليهم يوم القيامة، فهو يذكر أخذه لهم، وإشهاده إياهم على أنفسهم، إذ كان سبحانه خلق فسوى، وقدر فهدى.
فالأخذ يتضمن خلقهم، والإشهاد يتضمن هداه لهم إلى هذا الإقرار، فإنه قال:{أشهدهم} أي جعلهم شاهدين.
وقد ذكرنا أن الإشهاد يراد به تحميل الشهادة، كقوله:{وأشهدوا ذوي عدل منكم} ، أي احملوا هذه الشهادة على هؤلاء المشهود عليهم.