وطائفة تقول: بل هي متصفة بصفات حسنة وسيئة تقتضي الحمد والذم، ولكن لا يعاقب أحداً إلا بلوغ الرسالة، كما دل عليه القرآن في قوله تعالى:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} .
وفي قوله:{كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير} .
وقال تعالى لإبليس:{لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} .
وهذا أصح الأقوال، وعليه يدل الكتاب والسنة، فإن الله أخبر عن أعمال الكفار بما يقتضي أنها سيئة قبيحة مذمومة، قبل مجيء الرسول إليهم، وأخبر أنه لا يعذبهم إلا بعد إرسال رسول إليهم.
وقوله تعالى:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} حجة على الطائفتين.
وإن كان نفاة التحسين والتقبيح العقلي يحتجون بهذه الآية على منازعيهم، فهي حجة عليهم أيضاً فإنهم يجوزون على الله أن يعذب من لا ذنب له ومن لم يأته رسول، ويجوزون تعذيب الأطفال والمجانين الذي لم يأتهم رسول، بل يقولون: إن عذابهم واقع.
وهذه الآية حجة عليهم، كما أنها حجة على من جعلهم معذبين بمجرد العقول من غير إرسال رسول.
والقرآن دل على ثبوت حسن وقبح قد يعلم بالعقول، ويعلم أن هذا