وليس هذا للعقل، وإنما للعقل الزوائد والتصرف في المراد المخبر عنه الرسل، فعم سبحانه بمعرفة وحدانيته سائر ما ابتدع، وخص بمعرفة ربوبيته بني آدم كما كرمهم، وخص بمعرفة توحيده المؤمنين، وخص بمعرفة المزيد خواص المؤمنين.
وفي هذه المعرفة يتفاوت الناس، فمن كان معه معرفتان كان كافراً، ومن كان معه ثلاث فهو مسلم، فإذا كان أربع كان مؤمناً، فإذا كانت معه خمس كان مؤمناً عالماً، ثم يفاوتون في معرفة المزيد على قدر أحوالهم، وصدق الهمم، واتباع العلم، وقوة اليقين، وصفاء الإخلاص، وصحة المعتقد، ولزوم السنة.
فالعقل والعلم والنظر والاستدلال، والافتكار والاعتبار، يكشف عن معرفة المزيد التي يتفاوت فيها العبيد، فمن جعل حكم معرفة في أخرى فقد غلط غاية الغلط، وأوبقه الجهل، ورماه في بحر الحيرة ونقض الآثار، إذ قد ورد في بعضها أنه عرف بنفسه، وفي بعضها بالعلم، وفي بعضها بالعقل، وغير ذلك.
فدل على أن كل معرفة لها حكم ومصدر، ومقام وحال، فللكل معرفة الوحدانية والربوبية، وليس للكل معرفة التوحيد.
وإذا عمت معرفة التوحيد المسلمين، فليس لكل المسلمين معرفة