للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمة، وتمام الحديث: فطفق لا ينطق، فكحله بنور العزة، فقال: أنت الله الذي لا إله إلا أنت، فلم يعرف العقل الله إلا بالله.

وإذا كان الله معروفاً من طريق التوحيد بالعقل، فما بال قريش - مع كونها ذوي عقول - يقول الله عنهم إخباراً: {أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} ؟ فإن كان لا عقل لها فلا حجة عليها، وإن كانت ذوي عقول فما أغنت عنهم عقولهم.

وقال سبحانه: {وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم} الآية، وأخبر عنهم أنهم يقولون في النار: {لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} ، لا خلاف أنهم كانوا ذوي أسماع لا يسمعون بها، وكذلك عقول لا تغني عنهم ولا يستعملونها، فلم تكن مغنية لهم مع تكذيبهم الرسل، فبوجود الرسل صح التكليف، وبالعقل تمثيل ذلك بعد التوفيق، وليس للعقل مدخل فما تقدم من المعارف، وإن كان له ها هنا مدخل، فالأصل الرسل والعقل اتبع ذلك.

وأما العقل فله مدخل بالغ في معرفة المزيد، وكذلك العلم، فالعلم بيان الله، والعقل حجة الله، والرسل هم الحجة الظاهرة المبلغة عن الله مراده، والمخبرة بأمره، والداعية إلى سبيله.

ولما كان سبحانه لا سبيل إليه.

ولا عقول تشرف عليه، ولا لنا طاقة إلى استماع كلامه، لم يكن بد من بعث الرسل لنعلم بها مراد الربوبية منا.

<<  <  ج: ص:  >  >>