يغرس فيه آثار الحكمة، كما يغرس أكار أحدكم الفسيل في بستانه» .
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول - ويكتب بذلك إلى عماله-: (احفظوا عن المطيعين لله ما يقولون، فإنه يتجلى لهم أمور صادقة) فكلما استعمل العبد عقله، وعمل بعلمه، وأخلص في عمله، وصفا ضميره، وجال بفهمه في بصيرة العقل، وذكاء النفس، وفطنة الروح وذهن القلب، وقوى يقينه، ونفى شكه، وضبط حواسه بالآداب النبوية، وقام على خواطره بالمراقبة، وتحرى ترك الكذب في الأقوال والأفعال، وصار الصدق وطنه، وذهب عنه الرياء والعجب، وأظهر الفقر والفاقه إلى معبوده، وتبرأ من حوله وقوته، ولزم الخدمة، وقام بحرمة الأدب، وحفط الحدود والاتباع، وهرب من الابتداع، زيد في معرفته، وقويت بصيرته، وكوشف بما غاب عن الأعيان، وصار من أهل الزيادة بحقيقة مادة الشكر الموجبة للمزيد، وهذه المعرفة لا يجب أن تكون ضرورة، ولا أيضاً معرفة التوحيد، إذ لو كانت ضرورة لعمت وبطل الثواب، فلم يجبر سبحانه على معرفة توحيد، وعلى معرفة المزيد، إذ لو كان كذلك لأغنى عن بعث الرسل، وإنزال الكتب،