للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكليف، ولا يكون ذلك موقع الحكمة، ولا ثبوت حجة: {وما ربك بظلام للعبيد} ، وهو الفعال لما يريد، ذو الحكمة البالغة، والعدل الشامل، والفضل الذي يختص به، فعرفناه من حيث وحدانيته وربوبيته، من حيث يعرف، ومن حيث توحيده، ومن حيث وصف ووقف، ومن حيث المزيد، من حيث استعمل ووفق، واختص وتفضل، فلكل معرفة مقام، ولكل مقام حكم، فعم بالأول، وأفراد بالثاني، واختص بالثالث من مقامات المعارف، فمعارف البلغاء بالإصابة، ومعرفة النظر والاستدلال لأهل الرأي والمكايلة والكلام، ومعرفة الفقه للعلماء، والحديث للرواة، والفراسة للحكماء، والمزيد للأنبياء والأولياء، مع مشاركتهم للغير في المعارف، لا يشاركهم غيرهم فيما خصوا به وكوشفوا، فلما استوى الكل في كونهم أحداثاً مربوبين، استووا في تلك المعرفة، ولما وقعت الميزة بالكسب والاختصاص، تباينوا وتفاوتوا في المعارف، وما يعقل ذلك إلا عارف، ولا ينكره إلا جاهل، فوصل الكل إلى معرفة الربوبية، ولم ينته أحد إلى معرفة المزيد، وهو أن يعرف الله حق معرفته.

قال تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} .

وقد روي: ما عرفوه حق معرفته.

وقال صلى الله عليه وسلم: «لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البحور، ولزالت بدعائكم الجبال، ولو خفتم الله حق خوفه لعلمتم العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>