وأما القائل: إن عينه لا تعرف إلا بالسمع، فقد يقول: إن ما حصل للقلوب من معرفة عينه إنما حصل بالسمع.
والناس متنازعون في كونه فوق العالم: هل هو من الصفات التي تعلم بالعقل؟ كما هو قول أكثر السلف والأئمة، وهو قول ابن كلاب وابن كرام، وآخر قولي القاضي أبي يعلى.
أو هو من الصفات السمعية التي لا تعلم إلا بالسمع، كما هو قول كثير من أصحاب الأشعري، وهو أول قولي القاضي أبي يعلى وطائفة معه.
فابن أبي موسى وأمثاله قد يقولون بهذا، ويقولون: لم نعلم ذلك إلا بالسمع.
ويقولون: لم تعلم أنه فوق السماء إلا بالسمع، لكن كلامه أعم من ذلك.
وكلامهم يصح إذا فسر بأنواع من التعيين التي لم تعلم إلا بالسمع، كالصفات الخبرية.
أو فسر بأن السمع هو الذي أرشد العقول إلى ما به يعلم التعيين، وأنه لولا إرشاد السمع لم يعلم ذلك، أو بأنه أراد بالتعيين معرفة الأسماء والصفات القولية، التي يوصف الله بها.
أو أراد بذلك أن كثيراً من الناس - أو أكثرهم - لا تحصل لهم معرفة شيء من التعيين إلا بالسمع.
وكثير ممن يقول بوجوب النظر وأنه أول الواجبات، أو أول الواجبات: المعرفة، يقولون مع ذلك: إن المعرفة لا تحصل إلا بالشرع، كما ذكر ذلك أبو فرج المقدسي، وابنه عبد الوهاب، وابن