وقد قال:(إنما يثبت عندهم أمر التوحيد من وجوه: أحدها: ثبوت النبوات بالمعجزات التي أوردها نبيهم) إلى قوله: (فلما استقر ما شاهدوه من هذه الأمور في أنفسهم، وثبت ذلك في عقولهم، صحت عندهم نبوته، وظهرت عن غيره بينونته، ووجب تصديقه على ما أنبأهم عنه من الغيوب، ودعاهم إليه من أمر وحدانية الله، وإثبات صفاته، وإلى ذلك ما وجدوه في أنفسهم، وفي سائر المصنوعات، من آثار الصنعة، ودلائل الحكمة الشاهدة على أن له صانعاً حكيماً عالماً خبيراً، تام القدرة، بالغ الحكمة.
وقد نبههم الكتاب عليه، ودعاهم إلى تدبره وتأمله، والاستدلال به على ثبوت ربوبيته) إلى آخر كلامه.
وهذا الكلام يمكن تقريره بطرق:
أحدها: بأن يقال: الإقرار بالصانع ضروري لا يحتاج إلى نظر، فإذا شوهدت المعجزات أمكن أن يعلم بها صدق الرسول.
الثاني: أن يقال: نفس المعجزات يعلم بها صدق الرسول المتضمن إثبات مرسله، لأنه دالة بنفسها على ثبوت الصانع المحدث لها، وأنه أحدثها لتصديق الرسول، وإن لم يكن قبل ذلك قد تقدم من العبد معرفة الإقرار بالصانع.