فهذه المقدمة التي ذكرها أبو المعالي مقدمة صحيحة لا ريب فيها، وإنما الشأن في تقرير المقدمة الثانية، وقد ذكر الكلام عليها في غير هذا الموضع، وهو أن التخصص للممكنات ببعض الوجوه دون بعض: هل يستلزم حدوثها أم لا؟
قال ابن رشد: وقد نجد ابن سينا يذعن إلى هذه المقدمة بوجه ما.
وذلك أنه يرى أن كل موجود ما سوى الفاعل فهو إذا اعتبر بذاته ممكن وجائز، وأن هذه الجائزات صنفان: صنف هو جائز باعتبار فاعله.
وصنف هو واجب باعتبار فاعله ممكن باعتبار ذاته، وأن الواجب بجميع الجهات هو الفاعل الأول.
قال: وهذا قول في غاية السقوط، وذلك أن الممكن في ذابه وفي جوهره، ليس يمكن أن يكون ضرورياً من جهة فاعله، وإلا انقلبت طبيعة الممكن إلى طبيعة الضروري فإن قيل: إنما نعني بكونه ممكناً باعتبار ذاته أنه متى توهم فاعله وتفعاً ارتفع هو.
قلنا: هذا الارتفاع مستحيل لازم عن مستحيل وهو ارتفاع السبب الفاعل، وليس هذا موضع الكلام في هذا الرجل، ولكن