للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغيرهم، فإنهم - مع أنهم يثبتون مشيئة الله وإرادته - يثبتون أيضاً حكمته ورحمته.

وهؤلاء المتفلسفة أنكروا على الأشعرية نفي الحكمة الغائية، وهم يلزمهم من التناقص ما هو أعظم من ذلك، فإنهم إذا أثبتوا الحكمة الغائية، كما هو قول جمهور المسلمين، فإنه يلزمهم أن يثبتوا المشيئة بطريق الأولى والأحرى، فإن من فعل المفعول لغاية يريدها كان مريداً للمفعول بطريق الأولى والأحرى.

فإذا كانوا مع هذا ينكرون الفاعل المختار، ويقولون: إنه علة موجبة للمعلول بلا إردة، كان هذا في غاية التناقص.

ما هو أعظم من ذلك، فإنهم إذا أثبتوا الحكمة الغائية، كما هو قول جمهور المسلمين، فإنه يلزمهم أن يثبتوا المشيئة بطريق الأولى والأحرى، فإن من فعل المفعول لغاية يريدها كان مريداً للمفعول بطريق الأولى والأحرى فإذا كانوا مع هذا ينكرون الفاعل المختار، ويقولون: إنه على موجبة للمعلول بلا إرادة، كان هذا في غاية التناقص.

ومن سلك طريقة أبي المعالي في هذا الدليل، لايحتاج إلى أن ينفي الحكمة، بل يمكنه إذا أثبت الحكمة المرادة أن يثبت الإرادة بطريق الأولى.

وحينئذ فالعالم بما فيه من تخصيصه ببعض الوجوه دون بعض، دال على مشيئة فاعله، وعلى حكمته أيضاً ورحمته المتضمنة لنفعه وإحسانه إلى خلقه.

وإذا كان كذلك فقولنا: إن ما سوى هذا الوجه جائز يراد به أنه جائز ممكن من نفسه، وأن الرب قادر على غير هذا الوجه، كما هو قادر عليه.

وذلك لا ينافي أن تكون المشيئة والحكمة خصصت بعض الممكنات المقدرات دون بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>