للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ممكناً، فليس في هذا ما يدل على إثبات واجب.

وإن قلتم: إن الممكن لا بد له من واجب.

قيل لكم: فمعلوم أن المحدث لا بد له من فاعل. وأما ما جعلتموه قديماً أزلياً، وسميتموه ممكناً، فهذا لا يعلم أنه يفتقر إلى فاعل، بل عامة العقلاء يقولون: إنه يمتنع أن يكون لهذا فاعل.

ولو قدر أن له فاعلاً، لكان هذا يعلم بنظر دقيق خفي، فلا يمكن أن يكون إثبات واجب الوجود موقوفاً على مثل هذه المقدمة.

فإن قالوا: نحن قد قررنا أنه ممكن، ولا بد للمكن من واجب.

قيل: أنتم جعلتموه ممكناً قديماً أزلياً، وهذا عند جمهور العقلاء جمع بين النقيضين، وهو ممتنع. والممتنع قد يلزمه حكم ممتنع. وإنما موجب دليلكم ثبوت قديم أزلي، وهذا حق٠

والقديم الأزلي عندكم يمكن أن يكون واجباً، ويمكن أن يكون ممكناً.

وهذا الممكن لم نعلم أنه يفتقر إلى واجب، فلا يلزم ثبوت الواجب الذي ادعيتموه، كما لم يلزم ثبوت الممكن الذي ادعيتموه.

وإن قلتم: إذا قدر عدم هذا الممكن لزم ثبوت القسم الآخر، وهو الواجب، لانحصار الموجود في الواجب والممكن، كما بيناه.

قيل لكم: كما لم يلزم ثبوت هذا الممكن، فلم يثبت نفيه، بل الشك حاصل وإن قدر انتفاؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>