للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا لم يثبت وجود ممكن بل واجب، لم يكن في هذا ما يدل على أن في الوجود ما هو ممكن، وأمكن أن يقال الوجود كله واجب، كما يقوله من يقول بوحدة الوجود ويقول: عين وجود ما يسمى ممكناً ومحدثاً هو عين وجود الواجب، فصار حقيقة قولكم إن الوجود كله إما واجب وإما ممكن، هو نوعان: قديم ومحدث.

وهذا الكلام لا فائدة فيه، بل ليس فيه إلا ذكر التقسيم، والشك في وجود الواجب، أو إثبات واجب يعم المحدث والقديم، وهو باطل قطعاً، فليس فيه إلا الجزم بالباطل، أو الشك في الحق، أو يقولوا: إن الموجود يمكن أن يكون كله واجباً، ويمكن أن يكون ليس فيه واجب، بل هو إما محدث وإما قديم ممكن.

ومعلوم أن كل القولين معلوم الفساد بالضرورة، وأن الوجود فيه حوادث كانت معدومة فوجدت، وهذه ممكنات، وأنه لا بد لها من قديم أزلي، والقديم الأزلي يجب وجوده، ويمتنع أن يكون ممكناً.

وهذا يبين أن كل ما سوى الواجب المبدع فهو محدث كائن بعد أن لم يكن، وهذا كله يناقض ما قالوه.

ولهذا يوجد في بحوث من سلك طريقهم، ك الرازي والآمدي، من البحوث المضطربة، في الواجب والممكن والعلة والمعلول، ما ليس هذا موضع بسطه، وقد تكلم عليه في غير هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>