الله - مستبين على ضرورة، لا حاجة فيه إلى سبر الغير والتمسك فيه بسبيل النظر.
ثم إذا وضح اقتضاء الحادث مخصصاً على الجملة، فلا يخلو ذلك المخصص من أن يكون موجباً وقوع الحدوث، بمنزلة العلة الموجبة معلولها، وإما أن تكون طبيعة، كما صار إليه الطبائعيون، وباطلاً أن يكون جارياً مجرى العلل، فإن العلة توجب معلولها على الاقتران، فلو قدر المخصص علة لم يخل من أن تكون قديمة أو حادثة.
فإن كانت قديمة فيجب أن يجب وجود العالم أزلاً، وذلك يفضي إلى القول بقدم العالم، وقد أقمنا الدلالة على حدثه.
وإن كانت حادثة افتقرت إلى مخصص، ثم يتسلسل القول في مقتضى المقتضي.
ومن زعم أن المخصص طبيعة، فقد أحال فيما قال، فإن الطبيعة عند مثبتها توجب أثرها إذا ارتفعت الموانع، فإن كانت الطبيعة قديمة، فلتقتض قدم العالم، وإن كانت حادثة فلتكن مفتقرة إلى مخصص.
قال: وإذا بطل أن يكون مخصص العالم علة أو طبيعة موجبة بنفسها، لا على اختيار، فتعين بعد ذلك القطع بأن مخصص الحوادث فاعل لها على الاختيار، مخصص إيقاعها ببعض الصفات والأوقات.
قلت: فهذه الطريقة هي من جنس طريقة أبي الحسين كما ترى وهي من جنس طريقة القاضي أبي بكر، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل وغيرهم.
ومعلوم لكل ذي فطرة سليمة أن العلم بأن الحادث لا بد له من محدث أبين من العلم بأن التخصص لا بد له من مخصص، فإنه ليس التخصص إلا نوعاً من الحوادث، فإنهم لا يريدون بذلك أن كل