وحينئذ فإذا قيل: هو نفسه كاف في إبداع ما ابتدعه، لا يتوقف فعله على شرط.
قيل: نعم كل ما يفعله لا يتوقف على غيره، بل فعله لكل مفعول حادث يتوقف على فعل يقوم بذاته يكون المفعول عقبه، وذلك الفعل أيضاً مشروط بأثر حادث قبله.
فقد تبين أن هذه المعقولات التي اضطرب فيها أكابر النظار، وهي عندهم أصول العلم الإلهي، إذا حققت غاية التحقيق: تبين أنها موافقة لما قاله أئمة السنة والحديث العارفون بما جاءت به الرسل، وتبين أن خاصة المعقول خادمة ومعينة وشاهدة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
قلت: المقصود هنا أن الأرموي ضعف الجواب بأن التسلسل المنكر هو تسلسل المؤثرات التي هي العلل، وأما تسلسل الآثار فليس بمنكر، وإذا كانت المؤثرية مسبوقة بمؤثرية، لم يلزم إلا التسلسل في الآثار.
وقوله: إن هذا يقتضي التسلسل في الآثار لا في المؤثرات كلام صحيح على قول من يقول: إن الأثر لا يجب أن يقارن المؤثر في زمان بل يتعقبه لأن المؤثرية المسبوقة بمؤثرية إنما حدث بالأولى كونها مؤثرة، لا نفس المؤثر.
والفرق بين نفس المؤثر ونفس تأثيره هو الفرق بين الفاعل وفعله، والمبدع وإبداعه، والمقتضي واقتضائه، والموجب وإيجابه، وهو كالفرق بين الضارب وضربه، والعادل وعدله، والمحسن وإحسانه، وهو فرق ظاهر.
لكن احتجاجه بأن المؤثرية إذا كانت صفة إضافية يتوقف تحققها على المؤثر والأثر جاز أن تكون متقدمة على الأثر، كما لزم أن تكون متأخرة عن الأثر: