للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بكتاب، ولا الضرب بضارب، لأن ذلك كله يتعذر، إذا استحالة محدث لا محدث له، كاستحالة كتابة لا كاتب لها، فلو جاز وجود محدث لا محدث له، لجاز محدث لا إحداث له، وذلك محال.

وهؤلاء يقولون: المحدث عين الإحداث، فحقيقة قولهم وجود محدث لا إحداث له، وقد جعلوا هنا نفي هذا مقدمة معلومة يحتج بها.

قالوا: وأيضاً فإنا نرى الحوادث يتقدم بعضها بعضاً، ويتأخر بعضها عن بعض، ولولا أن مقدماً قدم منها ما قدم، وأخر منها ما أخر، لم يكن ما تقدم منها أولى من أن يكون متأخرا، وما تأخر أولى من أن يكون متقدماً، فدل ذلك على أن لها مقدماً محدثاً لها قدم منها ما قدم، وأخر منها ما أخر.

ثم لا يخلو ذلك الأمر من أن يكون نفس الحادثات، أو معنى فيه، أو نفسه ولا معنى فيه، أو لجاعل جعله، فيستحيل أن يكون ذلك لنفسه، لأن نفسه هو وجوده، والشيء لا يجوز أن يفعل نفسه، ولا يجوز أن يكون لذلك المعنى، لأن ذلك المعنى لا بد أن يكون موجوداً، إذ المعدوم ليس له تأثير في ذلك، وإذا كان موجوداً فلا يخلو من أن يكون قديماً أو محدثاً، فلا يجوز أن يكون قديماً، لأنه لو كان قديماً لوجب قدم الجسم المحدث، وذلك باطل.

وإن كان محدثاً فلا بد أن يكون متقدماً أو متأخراً، فإن كان كذلك، مع جواز أن لا يكون متقدماً لقدم موجبه، فلا يكون كذلك إلا لمعنى آخر، وذلك المعنى لمعنى آخر إلى غير نهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>