ثم إن هؤلاء أيضاً بعد ذلك يقررون ما يدقونه من امتناع حوادث لا أول لها، في ضمن دعواهم امتناع وجود ما لا يتناهى، فيقعدون قاعدة، فبقولون: لا يجوز وجود موجودات لا نهاية لعددها، سواء كانت قديمة أو محدثة، خلافاً لمعمر والنظام وابن الراوندي وغيرهم من الملحدة، في قولهم: يجوز وجود ذوات محدثة لا نهاية لها، وخلافاً للفلاسفة في قولهم: يجوز وجود جواهر قديمة لا غاية لها ٠
ثم يقولون: والدليل على ذلك أن كل جملة من الجمل لو ضممنا إليها خمسة أجزاء لعلم ضرورة أنها زادت، أو نقصت منه خمسة أجزاء لعلم ضرورة أنها قد نقصت.
وإذا كان هذا كذلك وجب أن تكون متناهية، لجواز قبول الزيادة والنقصان استحال أن تكون متناهية، وإذا كان كذلك استحال وجود موجودات غير متناهية، قديمة كانت أو محدثة.
وليس لأحد أن يقول يلزمكم على هذا أن تقولوا: إن معلومات الباري عز وجل أكثر من مقدوراته، لأن جميع مقدوراته معلومة، وله معلومات لا يصح أن تكون مقدورة، وهي ذاته تعالى، وسائر صفاته،