للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجمع بين قولنا: حوادث، وأنه لا أول لها، مناقضة ظاهرة في اللفظ والمعنى، وذلك باطل.

ثم يقولون: وإذا ثبت ما ذكرنا من ثبوت الأعراض وحدوثها، وأن الجواهر لم تخل منها ولم تسبقها، وجب أن تكون محدثة كهي، لأن الجواهر لا تخلو من أن تكون موجودة معها أو بعدها أو قبلها، فإذا بطل أن تكون الجواهر موجودة قبل الأعراض، وبطل أن توجد بعدها، وجب أن تكون موجودة معها، وثبت حدوثها كحدوث الأعراض.

فهذا الذي يقوله هؤلاء، كالقاضيين ومن وافقهما على ذلك، وهذا لفظ القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى ونحوهما.

والمعترض على ذلك يقول إن موضع المنع لم يقيموا عليه حجة، وإنما قالوا: معنى الحوادث أنها موجودة عن عدم، فلو كان فيها ما هو لا أول له، لوجب أن يكون قديماً، وهم لا يقولون فيها ما لا أول له، بل كل حادث له أول عندهم، وإنما يقولون: إن جنسها لا أول له بمعنى أنه لم يزل كل حادث قبله حادث وبعده حادث.

وحينئذ فيقولون: إنه لا مناقضة بين قولنا: حوادث، وقولنا: لا أول لها، لأن معنى قولنا: حوادث، أن كل واحد واحد منها حادث منها حادث بعد أن لم يكن، ليس معناه أن جنسها حادث.

والذي لا أول له هو الجنس عندهم، لا كل واحد واحد، فالذي أثبتوا له الحدوث، هو كل واحد واحد من الأعيان، وتلك لم يثبتوا لشيء منها قدماً، ولا قالوا: لا أول لشيء منها، والذي قالوا: لا أول له، بل هو قديم، هو النوع المتعاقب، وذلك لم يقولوا: إنه حادث.

<<  <  ج: ص:  >  >>