وقد عارضهم المعترضون بالحوادث المستقبلة، وأوردوا سؤالهم.
قالوا: فإن قيل: مقام أهل الجنان فيها مؤبد مسرمد، فإذا لم يبعد إثبات حوادث لا آخر لها، لم يبعد إثبات حوادث لا أول لها.
قلنا: المستحيل أن يدخل في الوجود ما لا يتناهى آحاداً على التوالي، وليس في توقع الوجود في الاستقبال والمآل قضاء بوجود ما لا يتناهى، ويستحيل أن يدخل في الوجود من مقدورات الباري تعالى: ما لا يحصره عدد، ولا يحصيه أمد.
والذي يحقق ذلك أن حقيقة الحادث ما له أول، وإثبات الحوادث مع نفي الأولية تناقض، وليس في حقيقة الحادث أن يكون له آخر.
وقد أجاب المعترضون عن هذا الكلام بأن ما مضى دخل في الوجود ثم خرج، فليس هو الساعة داخلاً في الوجود، وما يستقبل سيدخل في الوجود ثم يخرج، فكلاهما في الحال ليس بداخل في الوجود، وكلاهما لا بد من دخوله في الوجود وخروجه منه، فقد استوى هذا وهذا، في الدخول والخروج، وفي العدم الآن.
لكن دخول هذا وخروجه ماض، ودخول هذا وخروجه مستقبل، وليس في هذا الفرق ما يمنع اشتراكهما، فهما اشتركا فيه، لا سيما والمضي والاستقبال أمران إضافيان، فما من