والأرض في ستة أيام، وأن الله خالق كل شيء، لكن قد لا يجمعون بين ذلك وبين دوام فاعلية الباري، لكنهم لم يبنوا على ثبوت الأفعال القائمة به المقدورة المرادة له، فيبقون دائرين بين مذهب الفلاسفة الدهرية القائلين بقدم الأفلاك، معظمين لأرسطوا وأتباعه كابن سينا، وبين مذهب أهل الكلام القائلين بتناهي الحدوث، وربما رجحوا هذا تارة وهذا تارة، حتى قد يصير الأمر عندهم كأن دين المسلمين ودين الملاحدة عدلاً جهل، أو ربما مالوا أحياناً إلى دين الملاحدة، حتى قد يصنفون في الشرك والسحر، كعبادة الكواكب والأصنام.
وأصل ذلك نفيهم لما يجب إثباته من فعل الرب تعالى، كما دل عليه المنقول والمعقول، فإن هؤلاء قد يثبتون أن الذين نفوا قيام الأمور الاختيارية بذات الله تعالى، وسموا ذلك نفي حلول الحوادث به، ليس لهم على ذلك حجة صحيحة: لا عقلية ولا سمعية، بل الذين نفوا ذلك من جميع الطوائف يلزمهم القول به.
فإن كان هذا الأصل في المعقول، ولزومه للطوائف، ودلالة الشرع عليه، بهذه القوة، وبتقدير إبطاله يلزم ترجيح مذهب الملاحدة المبطلين شرعاً وعقلاً، على أقوال المرسلين الثابة شرعاً وعقلاً، أو تكافي المسلمين بين أهل الإيمان وأهل الإلحاد -تبين ما ترتب على إنكار ذلك من الضلال والفساد.
ومصداق ذلك أن الرازي -مثلاً- إذا قرر في مثل نهاية العقول