للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين يستحقون العقوبة عليه، ما لم نعلمه من حال أولئك.

وإن كان أولئك قد بلغهم نبوة بعض الأنبياء، وأرسل إليهم رسول، فليس هو مثل محمد صلى الله عليه وسلم، بل نعلم قطعاً أنهم لم يأتهم كتاب مثل القرآن، ولا رسول مثل محمد صلى الله عليه وسلم، ولا شريعة كشريعته.

وكل من علم حاله يعلم بالاضرار من دينه أنه أخبر أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، وأنه خالق كل شيء، وأن هذه الأفلاك ليست قديمة أزلية، فالقائل بذلك مناقض لأخباره وأخبار موسى وغيرهما من المرسلين، مناقضة لا يتمارى فيها من له معرفة بذلك، وأي هذين الوجهين اختاره السالك فما فيه مختار.

وأصل هذا الضلال جهلهم بحقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ونصرهم لما يظنونه جاء به بما يظنونه من المعقول، ومعارضتهم لما يعلم أنه جاء به بما يظنونه من المعقول، وتوهمهم تعارض صحيح المنقول وصريح المعقول، وهذا هو الكلام الذي عابه السلف والأئمة.

وأما أهل المعرفة العالمون بالمعقول والمنقول، فلا يقولون في سلفهم ما هو من لوازم قولهم، كما أنهم لا يقولون في الأنبياء ذلك، بل يعلمون قطعاً أن كلام الأنبياء هو الحق وكل ما ناقضه من قول متفلسف أو متكلم أو غيرهما فباطل، وأنه لا يجوز أن يكون في العقل ما يناقض قول الأنبياء، ولا يجوز تعارض الأدلة العلمية السمعية والعقلية أبداً، ويعلمون أن جنس

<<  <  ج: ص:  >  >>