الخامس: أن من قال أهل الكلام بأن: القديم لا تحله الحوادث إنما قاله لأن تسلسل الحوادث في المحل يستلزم حدوثه عندهم، فإن كان قولهم هذا صحيحاً لزم حدوث الأفلاك والنفوس وكل ما يقوم به حوادث متسلسلة، وهو يستلزم بطلان حجتكم، لأنه حينئذ يمكن صدور العالم م تكن، أو ما زال يحدث شيء بعد شيء، والأول يستلزم حدوث الحادث بلا سبب حادث، وهذا باطل، كما ذكرتموه في الحجة، لأنه يستلزم الترجيح بلا مرجح.
والثاني: يمتنع أن يكون في الممكنات شيء قديم، وهو نقيض مذهبكم.
فإذا قالوا: نحن ما أحلنا قيام الحوادث بالواجب، لكون القديم لا تحله الحوادث ـ فإن ذلك جائز عندنا ـ بل لأنه لا تقوم به الصفات.
قيل لهم: فحينئذ سهلت القضية، فإن جماهير أهل الملل من المسلمين وغيرهم بل ـ وجمهور الفلاسفة ـ يخالفونكم في هذا الأصل، وقولكم في نفي الصفات أضعف بكثير من قول من قال: القديم لا تحله الحوادث.