للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا كان كثير من المسلمين ـ كالكلابية ومن وافقهم ـ يقولون بإثبات الصفات للواجب، دون قيام الحوادث به، فإذا لم يكن لكم حجة على نفي قيام الحوادث به إلا ما هو حجة لكم على نفي الصفات، كانت الأدلة على بطلان قولكم كثيرة جداً.

وتبين حينئذ فساد قولكم بنفي الصفات وجعل المعاني المتعددة شيئاً واحداً، وأن قولكم: إن العاشق والمعشوق والعشق، والعاقل والمعقول والعقل: شيء واحد، وإن العالم هو العلم، والقدرة هي الإرادة من أفسد الأقوال، كما قد بين فيما تقدم لما نبهنا على تلبيسكم على المسلمين، وتكلمنا على ما تسمونه تركيباً، وأنه ـ بتقدير موافقتكم على أصطلاحكم الفاسد ـ لا حجة لكم على نفيه، وهكذا تجابون على حجة التأثير.

وقولهم: إن كان التأثير قديماً لزم قدم الأثر، وأن كان محدثاً، فإن كان المحدث جنس التأثير ـ وقيل بجواز ذلك ـ كان للحوادث ابتداء، وبطل مذهبكم، وإن قيل بامتناعه ـ وهو أنه لا يحدث شيء ما حتى يحدث شيء ـ فهذا ممتنع باتفاق العقلاء، وقد يسمى تسلسلاً ودواراً، وإن كان المحدث التأثير في شيء معين بعد حدوث معين قبله، لزم التسلسل وقيام الحوادث بالقديم.

فإنه يقال لهم: إما أن يكون التأثير أمراً وجودياً، وإما أن لا يكون وجودياً، فإن لم يكن وجودياً بطلت الحجة وهو جواب الرازي، وهو جواب من يقول: الخلق نفس المخلوق.

وإن كان وجودياً، فإما أن يكون قائماً بذات المؤثر أو بغيره، فإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>