ثم ذكر سؤالاً وجواباً مضمونه: إن الجوهر الجسماني لا قوام له إلا بطبيعته التي قوامها بحركته الخاصة به.
قال: فإن ظن أحد أن هذا الجوهر إذ قدرت صورته الطبيعية باطلة منه، انحل إلى شيء آخر أبسط منه، ليس في طبيعته حركة خاصة به، فيكون حينئذ في ذاته، لا معلول، لكن المركب فيه معلول.
فأرسطو طاليس يقول: إن هذا الظن باطل محال، لأن ذلك البسيط إنما يوجد حينئذ في الوهم الفكري فقط.
فأما في خاصة نفسه مفرداً، فلا وجود له بالحقيقة، لا قوام لذاته.
وليس بهذا المعنى فقط يترك هذا الظن، لكنه يرى أنه يوجد في ذلك البسيط الذي ينحل إليه الجوهر الجسماني في الوهم، إذا توهمنا فساد صورته تلك، قبول صورة أخرى، فهو معلول في ذلك القبول من المحرك الأول.
فإن ظن ظان أنه معلول من جهة ذلك القبول فقط، قلنا: فإن أنزلنا إزالة ذلك القبول نفسه من أنه قد بطل، وجب أن تبطل ذاته، يعني فتفسد وتنحل طبيعته التي بها هو حينئذ ما هو، إذ كانت ذاته تلك حينئذ إنما هي التي في طبيعتها القبول.
فإن قيل أيضاً: إنها تنحل إلى شيء آخر كان الجواب فيه كما أجبنا في الانحلال الأول، وليس يمكن أن ينحل هذا دائماً إلى ما لا نهاية له.
قال: فقد تبين من هذا أن كل جوهر جسماني معلول في جوهره، ووجوده، وبقائه للعلة التي هي المبدأ الأول بحركة الجميع.
قلت: فهذا هو تقريرهم لوجود العلة الأولى، التي هي المبدأ الذي