يسميه المتأخرون: واجب الوجود بذاته، وهي طريقة المتقدمين من المشائين.
وأما الطريقة المشهورة عند المتأخرين: وهي الاستدلال بمطلق الوجود على الواجب، فهذه هي التي سلكها ابن سينا ومتبعوه، ثم هذه طريقة أرسطو وأتباعه المشائين: مضمونها أن كل جسم لا يتقوم إلا بطبيعته، ولا تتقوم طبيعته إلا بحركة إرادية، لا تتقوم تلك إلا بمحبوب معشوق لا يتحرك، ثم إن أرسطو أورد على نفسه سؤالاً بأنه يمكن تقدير بطلان طبيعة الجسم الخاصة وبطلان حركته، بانحلاله إلى شيء أبسط منه، فلا يكون المحرك علة لذاته، بل علة للتركيب فقط.
وأجاب بأن البسيط إنما يوجد في الذهن لا في الخارج.
وأجاب أتباعه بجواب ثان، وهو أنه يكون فيما انحل إليه قبول، والقبول حركة.
وهذا الجواب ساقط، فإنه إذا قدر أن فيه قبولاً، لم يجب أن يكون ذلك حركة إرادية شوقية.
وإذا لم تكن الحركة إرادية شوقية لم يستلزم وجود محبوب، بل يستلزم وجود فاعل مبدع.
وهم لم يثبتوا ذلك.
وكذلك تقدير أرسطو تقدير فاسد، فإنه إذا قدر أن الحركة لا تتم إلا بطبيعة تستلزم الحركة الإرادية، مع أن في تقدير هذا كلاماً ليس هذا موضع بسطه، لكن بتقدير أن هذا سلم له، فغاية ما في هذا أن يكون الجسم المتحرك بالإرادة مفتقراً إلى المعشوق الذي هو غايته وأنه لا يتم وجوده إلا به، فيكون وجوده شرطاً في وجوده، بأن يقال: لا قوام للجسم إلا بطبيعته، ولا قوام لطبيعته إلا بحركته، ولا قوام لحركته إلا