للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمحرك المنفصل الذي هو محبوب معشوق، فغاية ما في هذا أنه لابد من وجود محبوب معشوق، ولا يمكن وجود الجسم المتحرك إلا به، لكن مجرد المحبوب المنفصل لا يكفي في وجود الجسم الممكن الذي ليس بواجب بذاته، ولا في وجود طبيعته، ولا في وجود احتياجه إلى المبدع لذلك، ولا دليلاً على وجود المبدع لذلك كله، بل اكتفوا بوجود المعشوق المنفصل.

وهذا مقام يتبين فيه جهل هؤلاء القوم وضلالهم، لكل من تدبر نصوص كلامهم الموجود في كتبهم، الذي ينقله أصحابه عنهم، فإنا نحن لا نعرف لغة اليونان، ولم ينقل ذلك عنهم بإسناد يعرف رجاله، ولكن هذا نقل أئمة أصحابهم الذين يعظمونهم ويذبون عنهم بكل طريق.

وقد نقلوا ذلك إلينا وترجموه باللسان العربي، وذكروا أنهم بينوه وأوضحوه وقدروه وقربوه إلى أن تقبله العقول ولا ترده، فكيف إذا أخذ الكلام أولئك على وجهه؟ فإنه يتبين فيه من الجهل بالله، أعظم مما يتبين من كلام المحسنين له.

ولا ريب أن الفلاسفة أتباع أرسطو يقل جهلهم ويعظم علمهم، بحسب ما اتفق لهم من الأسباب التي تصحح عقولهم وأنظارهم، فكل بالنبوات أعلم وإليها أقرب، كان عقله ونظره أصح.

ولهذا يوجد لابن سينا من الكلام ما هو خير من كلام ثابت بن قرة ويوجد لأبي البركات صاحب المعتبر من الكلام ما هو خير من كلام ابن سينا.

وكلام أرسطو نفسه دون كلام هؤلاء كلهم في الإلهيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>