يخالف المسلمين في الظاهر، كما فعل ذلك ابن سينا وغيره.
لكن بكل حال لا بد للمكن الذي لا يوجد بنفسه من موجب يوجبه، بل يوجب صفاته وحركاته، لا يكفي في وجوده مجرد وجوده محبوبه، بل لا بد من موجب لذاته وصفاته، بل وموجب لنفس حبه.
ثم إذا قيل: إنه محب لشيء منفصل عنه، لزم احتياجه إلى المحبوب.
وأما كون مجرد المحبوب هو المبدع له، الموجب لذاته وصفاته وأفعاله، من غير اقتضاء ولا إيجاب ولا إبداع من المحبوب، بل لمحض كونه محبوباً -فهذا مما يعرف ببديهة العقل فساده.
وهم، وكل عاقل، يفرق بين العلة الغائية والعلة الفاعلة، فالمحبوب يقتضي ثبوت العلة الغائية، ولا بد من علة فاعلية، فإن جعلوا المحبوب هو العلة الفاعلية، لزم كونه مبدعاً له، وهو المطلوب، وحينئذ يخاطبون على هذا التقدير بما يبين فساد قولهم.
وإن لم يجعلوه مبدعاً له لم يكن لهم دليل على إثبات علة فاعلة لوجود العالم.
وقيل لهم: افتقار الممكن إلى مبدع له ولصفته ولحركته، أبين من افتقاره إلى محبوب له.
قال ثابت بن قرة: وأرسطو طاليس ينكر هذا الرأي المجدد.
والظن الذي يظنه كثير من الناس من أنه يلزم من رأى أرسطو: أن العالم أبدي، أن يكون غير معلول في جوهره لعلة خارجة عنه- ظن كاذب.
فيقال له: الذين يظنون هذا يقولون: إن هذا لازم لأرسطو، لأنه لم يثبت أن العالم معلول بعلة فاعلة مبدعة له، وإن كان مقارناً لها.