للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن يقال: ما المانع أن يكون محباً مريداً لما هو مفعول مصنوع له؟ وليس في هذا كونه معلولاً لغيره، لأن ذلك الغير هو معلوله من كل وجه، مفعول له بكل طريق، محتاج إليه بكل سبب.

وليس في حب الشيء وإرادته لمثل ذلك نقص، بل هذا من الكمال.

فإن من أراد ما هو مفعول له معلول له، وهو قادر على ذلك المراد المحبوب، كان هذا غاية الكمال، بخلاف من لا يفعل شيئاً منفصلاً عنه، ولا يريده، ولا يقدر عليه، بل ولا يفعل فعلاً قائماً بنفسه، بل هو كالجماد الذي ليس له صفة كمال، بل كالمعدوم.

الرابع: قولكم: وليس يليق هذا البتة بالمبدأ الأول كلام بلا برهان، وأنتم تدعون البرهان والحجة -وقد ذكر هذا غيركم- لم ترضوا أن تجعلوا هذا خطابة، بل جعلتموه دون الخطابة، وأنتم تجعلونه عمدة في مثل هذا الأمر العظيم بلا حجة أصلاً، مع أنكم لم تثبتوا أن الأول مبدأ ولا فاعل أصلاً، إلا بجهة كونه محبوباً، مع أنكم لم تقيموا على ذلك دليلاً.

الخامس: قوله: كل ما كان ما هو له بالطبع من الجهة التي ينحوها، فإنه يلزم أن يوجد في جوهره شوق بالطبع إلى حال لا تملكها إرادته.

فيقال لهم: هذه قضية كلية لم يذكروا عليها دليلاً، وغاية ما يستدلون به أن يقولوا: وجدنا المتحركات بالإرادة كذلك الحيوان.

فيقال لهم: وكذلك وجدتم ذلك ممكناً مفعولاً مصنوعاً، مفتقراً إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>