فاعل مبدع، فقولوا: إن الأول ممكن مفعول مصنوع مفتقر إلى فاعل مبدع.
فإن كان الدليل قد أثبت موجوداً واجباً بنفسه لا يفتقر إلى غيره، فإما أن يكون ذلك هو الفلك، أو أمراً فوق الفلك، فإن كان هو الفلك، وهو مشتاق إلى حال تملكها إرادته، بطل نفيكم لهذا عن الواجب بنفسه.
وإن كان الواجب بنفسه أمراً فوق الفلك، كان هو الفاعل للفلك المبدع له.
وحينئذ فالفلك وما فيه محتاج إليه من كل وجه، فليس في الوجود ما هو خارج عن ملكه، حتى يقال: إنه مشتاق إلى ما تملكه إرادته.
السادس: أن هذا الكلام إنما يصح أن لو كان فيه الوجود ما لا تملكه إرادة الأول.
فأما إذا كان كل ما سواه كائناً بإرادته ومشيئته، فليس في الوجود شيء لا تملكه إرادته.
وأنتم لم تقيموا دليلاً على امتناع إرادته، وإذا كانت إرادته ممكنة على هذا الوجه، كما يقول المسلمون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن -لم يمنع أن يكون مريداً على هذا الوجه.
السابع: أن يقال: كونه يفعل بالطبع، أو نحو ذلك، ليس من عبارة المسلمين.
فإذا كانوا يسمون كل ما يفعل فعلاً قائماً بنفسه متحركاً بالطبع، لم ننازعهم في المعنى.
لكن نقول: لم قلتم: إن من كان فاعلاً فعلاً يقوم به بإرادته مشتاق إلى حال لا يملكها؟